من المنتظر في الأيام القليلة القادمة أن يتم الإعلان عن قمّة ثلاثية تجمع رؤساء مصر وتونس والجزائر، أو ما يسمى دول الجوار الثلاث لليبيا؛ لمناقشة الملف الليبي، وهو اللقاء الذي سيتم التمهيد له باجتماع وزراء الخارجية في النصف الأول من شهر شباط/ فبراير الجاري.
وكانت الجزائر أعلنت، الأربعاء، أن روسيا تدعم جهودها للوساطة في الأزمة الليبية؛ من أجل التوصل إلى حل سياسي يشمل مختلف الفرقاء.
وشهد اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي، الذي انعقد في القاهرة يوم 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، تدارسا لآليات تنفيذ المبادرة التي تقدم بها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي لحلحلة الأزمة الليبية؛ عبر تفعيل دور أكثر نجاعة لدول الجوار الثلاث، تونس والجزائر ومصر، في اتجاه دفع الفرقاء الليبيين إلى طاولة الحوار، وتطبيق الاتفاق السياسي؛ للحيلولة دون التدخل العسكري الأجنبي.
مراهنة على الدّور المصري
وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أعلن في وقت سابق أنه من المنتظر أن يزور السيسي تونس؛ تلبية لدعوة وجهتها رئاسة الجمهورية التونسية.
واعتبر شكري، في تصريح عقب لقاء الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أن هذه الزيارة من شأنها أن تساهم في "التأسيس لمرحلة جديدة من التعاون المثمر، وتُمكّن من تعميق التشاور حول المسائل التي تشغل البلدين"، معربا عن تقديره "للمبادرة التونسية والجهود المبذولة لحلّ الأزمة في ليبيا".
من جهته، قال لطفي زيتون، المُستشار السياسي لرئيس حركة النهضة، إن "مصر فاعل رئيسي في المنطقة"، وإن "غيابها يتسبب في خلل"، مشددا أن النهضة مستعدة للتواصل المباشر مع نظام عبد الفتاح السيسي؛ من أجل إنجاح المبادرة التونسية الجزائرية المتعلقة بالأزمة الليبية، وأي مصالحة مصرية.
وأضاف زيتون أن هذه المبادرة تمثل إمكانية لتحقيق اختراق في الوضع الليبي، ليتوصل الفرقاء الليبيون إلى اتفاق، مؤكدا أن حركة النهضة على اتصال مع مختلف الأطراف الليبية، باستثناء اللواء خليفة حفتر، لكنه تحدث عن إمكانية لقاء قريب مع حفتر ومسؤولين في قواته.
تفاصيل المبادرة
ورغم حرص الدبلوماسية التونسية على التكتم على هذه المبادرة طيلة الأشهر السابقة، ساهمت زيارات كل من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ورئيس حركة النّهضة راشد الغنوشي، للجزائر في تسليط الضوء عليها.
وقال دبلوماسي تونسي، فضل عدم ذكر اسمه، إن المبادرة التونسية الجزائرية تراهن على رعاية ثلاثية لحوار ليبي - ليبي تشرف عليه دول الجوار تونس والجزائر ومصر.
وتستند المبادرة على القرارات الأممية السابقة، ومن بينها اتفاق الصخيرات، لإطلاق حوار يجمع كل الفرقاء؛ للاتفاق حول تشكيل حكومة وجيش موحدين.
وأكد الدبلوماسي التونسي أن اتفاق الصّخيرات قد يشهد تعديلات إذا ما اقتضت الضرورة، خاصة فيما يتعلق بالنقاط الخلافية، مشيرا إلى أن المبادرة لا تستثني أحدا.
ووفق المصدر ذاته، تحظى مبادرة "دول الجوار الليبي" بدعم إيطاليا وفرنسا ورئيس بعثة الأمم المتحدة لليبيا مارتن كوبلر.
شروط نجاح المبادرة
وقال البشير الجويني، الباحث في العلاقات الدولية، إن دول الجوار أو دول الطوق -كما يعبر عنها- تتقاطع في مصلحة عدم استمرار الحال على ما هي عليه في ليبيا.
وأشار الجويني إلى أن دول الطوق تختلف فيما بينها حول الاستفادة من سرعة الحل، وهو ما تجلى خاصة في "آلية تنسيق دول الجوار"، التي تتالت اجتماعاتها في عواصم من دول الجوار دون نتائج تذكر سابقا.
ورأى الجويني أن دخول لاعبين جدد ميدانيا قد يعقّد مسار الحل السياسي، لكنه يبقى أسلم مخرج لليبيا وجوارها، في إشارة إلى تواجد روسي محتمل في الغرب الليبي، وتحديدا بمنطقة الجبل الغربي.
وتابع: "هذه المبادرة الأخيرة مؤهلة أكثر من سابقاتها للنّجاح، بالنظر لقربها من الواقع، وقدرتها على التواصل مع كل الأطراف. لكن يبقى التوصل لصيغة توافقية لإدماج القيادة العسكرية تحت القيادة السياسية أكبر الرّهانات المطروحة، والتي ستساعد -في حال تحقيقها- في إخراج ليبيا من دائرة تنازع الاختصاص بين العسكر والسياسة، وهو ما سيسمح لليبيا بالالتحاق بركب الدول المدنية التي يلتزم فيها الجيش بالأدوار المتعارف عليها قانونا وعرفا.
وأكد أن نجاح المبادرة مقترن بتحقيق حالة من الإجماع لدى الليبيين حولها، بالإضافة لتنازل القيادة العسكرية، وتوافق القوى السياسية على بدء صفحة جديدة في العلاقة مع العسكر، وأساسا مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر. مشيرا إلى ضرورة توافق دول الطوق على ضمان حد أدنى من تواد "الدّولة في ليبيا، ومباركة القوى الخمس الكبرى"، وفق تعبيره.
عربي21