حيث أنه في عالم الطرش، الأطرش يختلف عن الأصم فالأطرش يسمع قليلا والأصم لا يسمع أبدًا، وقد جاء في معجم المحيط للفيروزآبادي: أن الطرش هو أهون الصمم، والأطرش يسمع قليلا ولا يسمع الكلام كاملا أو واضحا لذا يسعى إلى تقدير ما لم يسمعه فيأتي رده على الطرف الآخر ليس من خلال ما قاله الآخر بل استنادا إلى تقدير ما لم يسمعه.
وهكذا يتحول الحوار بين الأطراف إلى حوار عقيم يستحيل فيه الوصول إلى نتيجة. وليس بالضرورة أن يكون حوار الطرشان هو حديث أطرش مع آخر بل هو حوار يهدد أغلب أشكال الحوارات والمشاورات السياسية والإعلامية. فكم عدد الحوارات التي انتهت بنتيجة؟ وكم هي الحوارات التي فتحت أفاقا جديدة؟ وكم هي الحوارات التي غيرت وبدلت وأضافت وأصلحت وانتشرت؟ لا شيء يذكر، وفي بلدنا تاريخ الحوارات لم يأت بشيء، ففي كل الحوارات يفرض الطرف الأقوى رأيه وصوته وفي كل حوار يتحدث الأكثر تسلطا والأكثر تحكما والأكثر أنانية والأكثر عجزا عن فهم الآخرين،
زبدة حوار الطرشان هو أنه بمثابة ذلك الحوار الذي يكون فيه كل طرف متمسك بما يريد أن يفسره وليس ما يجب أن يفهمه من النقاشات في الحوار، وبين هذا وذاك يضيع الهدف ويضيع الوقت ويضيع الصوت وتضيع المصلحة العليا للشعب بأكملها ويضيع الهدف الأسمى من الحوار.
بقلم/ عبد الله اكوهي