وزير سابق يكتب: تكرار الخطاب.. والتستر على الفساد

ثلاثاء, 02/01/2022 - 13:21

كان مضمون الخطاب الذي القاه بالأمس رئيس البرلمان السيد الشيخ ولد بايه بمناسبة اختتام الدورة البرلمانية بخصوص القبلية وبعض المسلكيات العقيمة يمكن أن يكون مختلفا عن خطاب وادان لو صاحبته إجراءات ملموسة في المجال التشريعي من طرف السلطة الذي يتربع عليها والتي يمتلك حزبه الاغلبية المريحة التي تمكنه من القيام بذلك.

اما وقد توجه للنخب الفكرية والدينية لتحمل مسؤولياتها في هذا الجانب من دون التعهد بتقديم خطوة فقد جانب الجدية وأصبح مجرد تكرار لخطاب وادان هدفه التقرب من السلطة التنفيذية وإثبات التحالف القائم بين السلطتين.

فاذا كان الدستور واضحا في هذا المجال وقد وضع الأسس اللازمة لذلك، ومكن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية من اقتراح القوانين والمصادقة عليها وتنفيذها من أجل تجسيد مضامينه ومقتضياته على أرض الواقع؛ واذا كان التحالف بين السلطتين اللتين تتفقان على ضرورة الإصلاح، وتمتلكان الاغلبية الكافية لتمريرها، فلماذا يعجز التحالف عن تجسيد وتنفيذ هذه الإصلاحات التي أصبحت اكثر من ملحة؟

هناك على الاقل من الأسباب المنطقية ما تجعل المتلقي يصنف تلقائيا هذا الخطاب في سلة الاستهلاك السياسي وتحول دون أخذه بمحمل الجد، اذكر منها:

- عدم احترام الدستور واسقاط مبدأ علوية القانون: الحقيقة ان عجز التحالف عن الإصلاح في هذا المجال كفشله وعجزه عن الإصلاح في كل المجالات الأخرى، مرده الأساس إلى ضعف إيمان القائمين عليه بمحورية احترام الدستور وعدم احترامهم لمبادئه الأساسية. فمن كان شاهدا على التخبط ولي ذراع الدستور من أجل تمرير تصفية الحسابات السياسية ضد الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز وماتبع ذلك من تجاوزات للقانون لا أعتقد أن بمقدوره مواجهة المد القبلي ولاتنحية السياسي من القبلي ولا القبلي من الإداري في نظام اعتمد من اليوم الأول تمكين شيوخ القبائل والمرجعيات الدينية والجهوية كمقاربة لإثبات وجوده (كما فعل المستعمر) بدل العمل على تنفيذ برنامجه الإنتخابي وترسيخ دولة القانون والمواطنة.

-تراجع الحريات : فقط الحريات التي يؤسس لها الدستور ويحميها هي السبيل الوحيد إلى التقدم وتجاوز المسلكيات العقيمة التي تناولها الخطاب. إن الذي يلوح في الافق منذ وصول نظام المرجعية إلى السلطة هو سحب الظلام التي تسبق الظلامية.

فحرية الصحافة قوضت تقويضا فلا تكاد تقرأ او تسمع او ترى في وسائل الإعلام الرسمية والحرة الا تمجيد الرمز وانجازاته الوهمية.

فلو لم تكن هناك وسائل بديلة لما كان هناك مجال للراي الآخر. أصوات التغيير الشبابية مكبوتة والسجون مليئة باصحاب الرأي.

واخيرا، تمرير قانون الرموز وحده كفيل بتقويض اي امل حقيقي في احداث إصلاحات تمكن من ترسيخ دولة المواطنة والخطابان هما فقط للاستهلاك السياسي وللتغطية على عمليات الفساد الفاحشة وفشل التحالف في كافة المجالات.

الوزير السابق/ د. محمد جبريل