شكل تقاعس الدعم الحكومي للحد من معاناة الشرق الموريتاني أبرز العوامل والاسباب التي دفعت بالمواطنين الموريتانيين إلى محارق ومذابح الصراعات في الجارة مالي.
ولا تزال الخطط الاستعجالية التي اعلنت عنها الحكومة الموريتانية تمتطى صفوة حلزون، في اتجاه المناطق الشرقية التي يعيش ملاك الثروة الحيوانية بين مطرقة فوهة الجفاف والتصحر، وسندان فوهة المدافع على مرمى حجر من الحدود الموريتانية.
ورغم خصوصية السنة الحالية، وما شهدته من ندرة في تساقط الأمطار، وما لذلك من انعكاسات على ثنائي الزراعة والتنمية التي يعتمد عليها السكان في منطقتي الحوض ولعصابة المحاذيتين للحدود المالية الساخنة، فإن الحكومة لاتزال تتجاهل الوضع وتستثمر في الغموض، وتتخذ من الكلام المعسول، والوعود مطية للاستهلاك، أمام وضعية خطيرة تفتح الباب أمام جميع الاحتمالات.
المستجير من الرمضاء بالنار
ولعل المنمين أهم المتضررين من ترهل خطط الحكومة في عام الرمادة الحالي، حيث وجدوا قطعانهم على أرض جرداء قاحلة، تهدد مصدر عيشهم بالانقراض، ما دفعهم للنزوح بقطعانهم إلى الاراضي المالية في صراع بأنفسهم عن أموالهم، من أجل البقاء.
هكذا عرض ملاك الثروة الحيوانية صدورهم العارية لسكاكين الجيش المالي، ورصاص مرتزقة "فاغنر"، والطوائف المتناحرة، في حملة نزوح هي الاكبر منذ عقود نحو ادغال جمهورية مالي، طمعا في توفير العشب لقطعانهم، والاستفتادة من العلف بأسعار في المتناول، بعد حلقت الاسعار في السماء السابعة بمنطقتهم شبه المعزولة.
رحلة نحو المجهول
فمن كوص والنوارة، نحو كيبان وبانمبه، نحو مرجا، وتوب قاس وانيونو ومناطق متوعرة في اغال مالي، ينزح المنمين الموريتانيين بقطعانهم في رحلة نحو المجهول، ينتقل خلالها من بلده إلى بلد غريب متصارع، ومن اسمه إلى اسم غريب موحد لجميع مواطنيه هو "اسراغاتجى".
هكذا ضرب " اسراغا تجى" كفا بكف مستدبر وطنه بحثا عن الكلأ، أمام عجز سلطات بلده عن تفير أبسط ما يمكنه من الاحتماء بحدود ولايته، و"وطنه" بوصفه العقد الوحيد الذي ينبغي أن يوفر للمواطن حماية النفس والممتلكات.
ومهما يكن من أمر يبقى سكان الشرق الموريتاني أَضْيَعُ من الأيتام في مَأْدُبَةِ اللِّئام، وقد استقبلتهم سنة عجفاء قد لاتبقي ولاتذر، في ظل وعود حكومية بتمية الولاية، واطلاق تدخلات استعجالية، تبدو حتى الآن ضرب من " تعمار اشدوك" لم تتمخض بعد عن أي عمل يلامس حياة السكان، او يخفف من معاناتهم، ما دفع ملاك الثروة للنزوح إلى الاراضي المالية، رغم مخاطر "تعمار الحروب"، حيث لاوزر من نفوق المواشي ، إلا إلى النزوح للأراضي المالية حيث تستعر الحروب، ويذبح ويُقتل المواطن الموريتاني بدم بارد، بين صبر الأهالي، وقلة الحيلة، ومجاملة السلطات، في ظل ابتلاءات نظام الحكم في موريتانيا.
مولاي الحسن مولاي عبد القادر المدير الناشر لموقع صوت