شكلت الحرب على فيروس كورونا مناسبة ، لخلق إجماع وطني حول الانسجام مع الإجراءات الاحترازية ، والمشاركة الفاعلة ماديا وتوعية وتحسيسا ، في جو من المصالحة والاعتزاز بالوطنية.
ولعل النصر الذي أثلج صُدور العامة ، والذي تم تحقيقه في الحرب الدائرة على فيروس كورونا ، كان نتاج الانسجام الشعبي والاستجابة اللامشروطة لتعليمات السلطة العليا ، أكثر مما هو انجاز حكومي قد يتبجح به البعض ، ويستغله لأغراض سياسية.
إجراءات صارمة وصعبة وغريبة على عادات المجتمع الموريتاني المترابط تمت الاستجابة لها بدافع الوطنية والحرص على إنقاذ الشعب الموريتاني من مخاطر انتشار جائحة كورونا ، بعد ان مرغ انف دول عظمى في التراب وحال بينها وبين أسباب الأرض ، قبل ان تلجأ إلى أسباب السماء .
فمن توقيف التعليم، وحظر التجوال والفصل بين الولايات وإغلاق الأسواق والمحلات ، وفرض التباعد الاجتماعي ، والغسل والتعقيم وارتداء الكمامات ، كلها أمور غريبة على المجتمع الموريتاني ، إلا أن التجاوب والانسجام معها ، يجعل من هذا الشعب مثالا يحتذى به ، ليس اقليميا فقط ، بل حتى دوليا كذلك.
ولا تخلوا الحرب الوطنية على كورونا من كواليس تجمع بين الجد والملح والنوادر.
فقد اطلقت معظم النخب في موريتانيا لقب حكومة كورونا على تشكلة وزراء حكومة ولد الشيخ سيديا .
ولم يكن الفساد اقل مشاركة في رحى الحرب الدائرة على كرونا ، فقد كان حاضرا دون كمامات ، ما قد يعتبر خرقا للإجراءات الاحترازية التي توصي بها اللجنة الوزارية المكلفة بالحرب على كورونا.
فقد كشفت الأخبار عن عودة قوية لصفقات التراضي في الشهر الماضي بعدة قطاعات حكومية، حيث تجاوزت قيمتها الإجمالية 7.6 مليار أوقية، فيما بلغ مجموع الصفقات خلال هذه الفترة 21 صفقة.
ولم يفوة أباطرة الفساد الفرصة للعودة إلى المشهد من جديد دون تعقيم ، حيث فتحت المواقع الإعلامية نوافذها لعودة ناهبي أموال الشعب والمفسدين إلى العودة المشهد من جديد ، وتجاوز عملية إعادة التدوير التي تقوم بها حكومة كورونا عن طريق الإجراءات الاحترازية والصفقات.
ومهما يكن من أمر فإن حكومة كورونا وإن كانت تدعو اإلى التعقيم وارتداء الكمامات ، فقد أعادت الفساد دون كمامات والمفسدين دون تعقيم ، وهو يجعل التعليمات الاحترازية في مهب الريح.
مولاي الحسن مولاي عبد القادر لموقع صوت