عرف المال العام بالقانون المالي بأنه المال المملوك للدولة ملكية عامة وهذا المال يشمل كذلك كافة ممتلكات الدولة ومواردها الطبيعية، كالمرافق الحكومية وما تحويه من أدوات ومواد والمدارس والمستشفيات، والحدائق العامة، خطوط الكهرباء والماء.. وغيرها. ولا يختلف اثنان على ان حماية المال العام امر لابد منه. فهو المحرك الاساسي لنمو الاقتصاد في اي بلد وهو الشريك الفاعل في بناء الوطن بكل قطاعاته فحمايته مطلب لجميع موريتانين يشترك فيه كل فرد في المجتمع مهما علت درجته ومكانته.
وتجنب تضارب المصالح لا يجوز لاي مسئول حكومي هو او احد اقربائه ان تكون له في نطاق عمله الحكومي الاصلي او اي عمل حكومي اخر يكلف به حصة او مصلحة ما في مشروع تجاري او عمل يهدف الى الربح يتصل بالحكومة. لا يجوز لاعضاء مجلس الوزراء ان يجمعوا بين مناصبهم الوزارية ورئاسية او عضوية مجلس ادارة اية شركة مساهمة عامة. كما لا يجوز للوحدات الحكومية التي يتولونها او يشرفون عليها ان تتعامل مع اية شركة او مؤسسة تكون لهم مصلحة فيها سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة.
فحماية المال العام ليست مقصورة على حفظه من السرقة والاختلاس وانما تتعدى الى مجالات بعيدة المدى تختلف باختلاف طبيعة عمل الاشخاص والانظمة المستخدمة لحفظه. كما تختلف باختلاف اساليب الرقابة المطبقة ومدى صحو ضمير الفرد وكذلك مواكبة هذه الاساليب للتغيرات السريعة في علمي المحاسبة والتدقيق.
قال سبحانه تعالى : وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ۚ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ، «سورة آل عمران: الآية 161»
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ».
> المال أو الممتلكات العامة هي ملك للجميع وليس ملكاً خاصاً، الا أن المحافظة عليه وصونه هو واجب على كل مواطن في المجتمع كمحافظته وحرصه على ماله وملكه الخاص. حيث أن الحفاظ عليه هو حفظ لموارد الدولة للجيل الحالي والأجيال القادمة، والحفاظ على الأموال العامة مظهر من مظاهر الانتماء والوفاء للوطن.
> إن عملية المحافظة على الأموال العامة والممتلكات العامة لا يتمثل فقد بعدم هدرها أو اختلاسها أو اتلافها فحسب، بل كذلك بالنهي عن هذه الأمور وتربية الأبناء على ذلك، وكما نربي أبناءنا على المحافظة على حاجاتهم يجب أن نربيهم على المحافظة على الممتلكات العامة. فهذه قيم تنشأ في البيت، وتعزز في المدارس والجامعات، وتطبق في جميع نواحي ومراحل حياة أبنائنا.
> إن الاعتداء على المال العام بالهدر أو الاتلاف أو استخدامها للاغراض والمصلحة الشخصية وليس العامة، هو شكل من أشكال الفساد، الذي يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني من جهة ويحد من قدرة الدولة على توفير الخدمات بالشكل الكريم للمواطنين بما في ذلك الخدمات الحيوية والمشاريع التنموية. لذا، فإن الابلاغ عن كل من يعبث بالمال والممتلكات العامة أو يسيء استعمالها أو يستغلها لمصلحته الشخصية هو مساهمة ستوقف نزيف ممتلكات الوطن.
> الموظفين في المؤسسات العامة والاهلية والخاصة هم حراس مؤتمنون على ممتلكات وموارد هذه المؤسسات التي يعملون فيها والتي خصصت أصلا من أجل تسهيل عملية تقديم الخدمات للمجتمع أو لفئات مختارة منه. ولهذا فمن واجب الهيئات الحاكمة (القيادية) في هذه المؤسسات أن تحافظ على هذه الموارد من جهة وأن تضمن استخدامها بفعالية ونجاعة لمصلحة المستهدفين من جهة أخرى.
> إن التزام المواطن بتسديد التزاماته المالية نحو مؤسساته الوطنية كأثمان الماء والكهرباء والضرائب هو شكل من أشكال الحفاظ على المال العام من جهة، ومن جهة أخرى فإن قيام الموظفين بالامتناع عن تحصيل هذه الاستحقاقات من المعارف والاقارب يعتبر تعدياً واهدارا للمال العام. ومن الأمثلة على ذلك إعفاء الأصدقاء أو المقربين كليا أو جزئيا من دفع الرسوم أو قيمة الضريبة أو تخفيضها لأجلهم أو تنفيذ ذلك للحصول على منفعة خاصة منهم كخصم مادي على شراء سلعة. وقد نص قانون مكافحة الفساد : “أن تصل عقوبة المساس بالأموال العامة الى السجن المؤقت.
ويمكن لأي مواطن الابلاغ عن ممارسات إهدار للمال العام والممتلكات العامة أو اساءة استخدامها أو استغلالها لمصلحته الشخصية من خلال التواصل مع الجهة الرسمية التي تتابع قضايا الفساد وتحقق فيها. كما يمكن الحصول على الارشاد والإسناد القانوني.
عبدالرحمن الطالب بوبكر الولاتي