منذ بعض الوقت والأعناق تشرئب لفتح الطريق بين المدن، بعد أن طال الانتظار.
وذلك إما لغرض صحي طارئ أو قديم أو لإنجاز مهام متعددة توقفت أو فسدت، أو تحتاج حضورا فيزيائيا لأصحابها، أو غير ذلك كثير.
لكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن، فكلما لاح وميض في الأفق لذلك؛ صار برق خلب.
مرد ذلك في كل مرة، هو التطورات الصحية الطارئة والمتلاحقة لوباء فيروس كورونا كوفيد -19-، وما يتطلب من إجراءات احترازية مصاحبة.
ومن آخر ذلك الزيادات المعتبرة في أعداد المصابين به.
وحيال هذا الواقع الجديد، انقسم المواطنون إلى فسطاطين متابينين، تجاه فتح الطريق، ولكل منهما مبرارته الوجيهة.
فأصحاب رأي المناصرة، يبدون حججا وآراء، أقرب ما تكون للعاطفة، بحكم أنهم هجروا الأهل والوطن وضاع الكثير من مصالحهم، مستندين في ذات الوقت إلى فشل الدولة في السيطرة على المتسللين والذين كانوا السبب المباشر في الكثير من الإصابات إضافة إلى الأخطاء المتكررة في الاستراتيجيات المتبعة وكذا الإخفاق في الرقابة على الإجراءات المتخذة، وصولا لما نحن فيه اليوم.
كل ذلك جعل من مطالبة هؤلاء بفتح الطريق؛ مطلبا مشروعا.
أما فريق الممانعة، فيرون أن فتح الطريق خط أحمر، بل وذهب بعضهم لحد تشبيهه بالتسرب النووي خاصة أن معدلات الإصابة بسبب عدوى هذا الفيروس وصلت أعددا معتبرة وفي تزايد مستمر.
ويتساءل أصحاب هذا الرأي والذين يميلون إلى العقلانية، كيف لبلد يشهد ذروة انتشار الفيروس - مع ما يصاحب ذلك من عادات خاصة في مجتمعنا المفتوح ذي المسلكيات البدوية في كل تعاملاته اليومية - أن يزيد الطين بلة؛ بتبني فتحه للطريق؟
سيما إن علمنا أن هنالك أماكن - لله الحمد- لم يصلها الفيروس بعد، وفيروسنا أعدى من الجرب، وتنتشر عدواه، كما النار في الهشيم.
رأيان واضحان وجليان من كلا الفريقين.
وإن كان العقل -في الغالب الأعم- مقدم على العاطفة، صنو "الهوى"، والذي ورد نهي النفس عنه في محكم التنزيل.
هذا ما أرى، إن لم يفهم ذلك أنه تحيز لفريق دون آخر.
وإن كان الرأي الفصل في الموضوع، يبقى من اختصاص اللجنة الوزارية المسؤولة عن متابعة فيروس كورونا، فهي الأدرى، على أن تقارب وتسدد، آخذة في الاعتبار كل حيثيات الواقع؛ لتخرج بالقرار الأنسب والأمثل لواقع الحال.
محمد سالم حبيب